كنت قد اتخذت قراراً بعدم الخوض فى السياسة ؛بعدما وأدناها وشيعناها إلى مثواها الأخير ؛بأيدينا وليس بأيدى غيرنا ؛وكأنها جاءت من حمل سفاح .
وتابعت عن بٌعد أخبارها ؛وفجأة لاحت فى الأفق أحداث جسام خاصة ونحن مقبلون على خوض انتخابات الرئاسة فى الجمهورية الخامسة ؛فالساحة خاوية على عروشها ،وليس هناك بديل ينشل هذا الوطن وساكنيها من نظام "خَرِب"؛فالقضية لم تكن "السيسى" الرئيس المنتهى ولايته والذى أعلن ترشحه للمرة الثانية ؛ولكنها قضية "نظام" حكم هذا البلد وينفذ أجندة منذ اتفاقية كامب ديفيد 1977 ؛ولا يجرؤ أى حاكم أن يخرج عن هذا النظام .
والناس فى بلدى لا يعنيها هذا الكلام ،ولكن ما يعنيها "الأكل والأمن" ، فعندما قامت ثورة 25 يناير لم يكن كل الشعب معها إلا عندما خرج "المخلوع" واعلن تنحيه ؛هنا التف كل الشعب حولها ؛وعندما اشترك فى انتخابات الرئاسة الحقيقية لأول مرة انتخب أول رئيس مدنى وجاء "بالمعزول" محمد مرسى الذى سلم البلد لمكتب الإرشاد .
فى كل هذا كان يظهر على الساحة اثنين هما المشير طنطاوى والفريق سامى عنان ؛حتى أطاح بهما الإخوان ؛فكانت ثورة 30 يونيو التى خرج فيها نفس الشعب الذى أعطى صوته لمرسى والإخوان وأسقط مرسى والإخوان ؛وليس هذا فقط بل جاء "السيسى" من أقصى المدينة يسعى ،وأعلن ترشحه وانتخبه الشعب ؛تاركاً من ناضل من أجله سنوات وسنوات ؛وها هو اليوم يعلن ترشحه للمرة الثانية ؛وبالأمس توعد أحد المرشحين المحتملين قائلا:بأنه فاسد ولن يسمح له بالاقتراب من كرسى الحكم ؛ونفس الشعب يصفق له ..على إيه مش عارف؟!!
والسؤال : لماذا لم تعلن عن اسمه ،وما دام فاسدا كما تقول لماذا لم يتم القبض عليه ومحاسبته،لماذا تركته يخوض انتخابات أرفع كرسى فى العالم ؟ والسؤال الأخير : لماذا تتوعده وتحذره من الاقتراب من الكرسى وأنت أصلاً مرشح محتمل مثله؟!!
وأظن" وإن بعض الظن إثم" ولكنه "ظن" يصل إلى درجة اليقين أن "السيسى" أمس كان يقصد الفريق سامى عنان ؛والدليل أن الفريق سامى عنان خرج صباح اليوم وأذاع بياناً "رائعاً" وبدايته بكلمة ان الشعب هو السيد نفس لغة المناضلين ؛ولم يقل اننا "شبه دولة أو دولة الفوضى" بل عظم الشعب ؛ وتناول دور الجيش بعدما أثنى عليه وتطرق إلى المؤسسات المدنية وغياب دورها ؛وأردف عن الحالة المعيشية السيئة للمواطنين والأرض المصرية التى تم التفريط فيها.
كل هذه دلائل تؤكد أن المقصود هو الفريق سامى عنان ..وأؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الانتخابات لو صارت فى مسارها الطبيعى بدون تدخل المؤسسات بالدولة سينجح الفريق سامى عنان ؛أولاً: لأنه ابن من أبناء المؤسسة العسكرية والشعب يميل إليهم ،وجربوا السيسى 4 أعوام وعام آخر يعنى 5 أعوام ؛والأسعار تلتهم جيوبهم والطبقة الوسطى اختفت تماما ،ولم يشعر المواطن بأن هناك تحسن فى المعيشة ؛بل حن المواطن لعصر "مبارك" من جديد ؛ حتى عندما تحدث عن 11 ألف مشروع فى 4 سنوات تندروا على كلامه ؛لأن البطالة فى ازدياد والمعيشة من سىء لأسوأ . ثالثاً: الشباب الذين تكتظ بهم السجون ومنهم أبرياء أهاليهم سيخرجون فرادى وجماعات لانتخاب "عنان" لعل وعسى يصدر امراً بعد توليه بالإفراج عنهم.
فى النهاية بقى أن أقول : اخشي ما أخشاه أن تكون فصل من مسرحية هزلية يعيشها هذا الشعب المقهور والمغلوب على أمره.