التغييــــر يبـــــدأ مــن القــــاع
Hafz.elshear@hotmail.com
التغيير بيدك أنت .. ليس إلا..نموت فى البحر.. نموت على البر ..نموت من القهر..فالموت قادم لا محالة ..وهو الحقيقة الواحدة فى حياتنا ..ستصعد الميكروباص وتفاجأ بزيادة الأجرة ..وتذهب إلى المجالس الطبية المتخصصة وتنام فى العراء ليلة أو ليلتين لإحضار علاج على نفقة الدولة لذويك ..وفى المستشفيات ستظل واقفا فى دورك – إن أتى أصلا- ليعالجك الطبيب ..وستفتش عن واسطة حتى ولو كان عامل أمن فيها لينقذك من الإنتظار المميت ..وتذهب إلى التأمين الصحى وستجد النفقات عالية بالرغم من خصم مبالغ طائلة من مرتبك للعلاج على حسابه ..وستذهب إلى صندوق الإقتراع وتعطى صوتك للأفاق وقليل الذمة لأنه أنعم عليك مقابل صوتك بـ50 جنيه أو بطانية تقى أبنائك من البرد القارص ..وسيتخرج إبنك من الجامعة وسيجلس فى طابور طويل من البطالة ولن يرحم من كلماتك الساخرة عليه ..وسيبحث عن أى شىء يمتهنه حتى ولو وقف يتسول فى المواقف العامة ليرحم منك..وستفاجىء بزيادة فى أسعار مياه الشرب ومياه الرى أيضا ..وستروى أراضيك بمياه المجارى .. وسنصاب بأمراض الكبد والكلى وكل الفيروسات ..و...و...وإلخ.
أقول هذا بمناسبة اللغط الذى دار قبل الهنا بسنة بمناسبة انتخابات الرئاسة القادمة 2011 وإلتفاف بعض القوى السياسية حول الدكتور البرادعى والدعوة إليه صراحة على الفيس بوك وبعض الجرائد المصرية ..وقيام بعض الأحزاب بإصدار بيان ومحاكمته ورفض دعوته للتغيير.
فلا يعنينى إن كان الرئيس مبارك هو رئيس الجمهورية أو البرادعى أو أيمن نور أو عمرو موسى ..ولكن كل ما يعنينى هذا المواطن الغلبان الذى شرب القهر واستخرجه من كيعانه ..فلو نجح أى منهم وبعد أدائه اليمين الدستورية ..هل سيمسك بعصا موسى ويشق البحر فيتغير كل شىء ..أعتقد – من وجهة نظرى – لا..فالشعب المصرى منذ الأزل ..شعب طيب مسالم يعشق الإستقرار ولا يهوى التغيير ..ولكم فى الأمثلة عظة يا أولى الألباب ..فعندما هبط المصرى القديم على النيل استقر وبدأ يزرع ويحصد ويدافع عن زرعه بكل ما أوتى من قوة ..وملأ ضفتى النيل ولم يفكر فى اقتحام أماكن أخرى إلا بعدها بفترة .. وعندما وقعت مصر تحت نيران الإحتلال العثمانى ظل المصريون قابعون تحته أربعة قرون أى 400سنة تحت حكم الأتراك ..حتى جاء الإنجليز وقضوا على الرجل المريض واحتلوا مصر قرابة 73 عاما ولم يخرجهم سوى عبد الناصر عام 1954 ..ولا أنكر أنه قامت خلال هذه الحقب ثورات وطنية بقيادة وطنيين أحرار وساندهم بعض المواطنين .
من هنا أقول ..ليس تغيير المادتين 76..77 عقبة ..فرضنا أنهما تغيرا ..هل سنصحو على زمن غير الزمن ..هل سنستيقظ ثانى يوم من قسم اليمين الدستورية لرئيس الجمهورية ..ولن نجد لجنة سياسات أخرى تحت أى مسمى آخر ..هل سينزل سعر الحديد ..هل سنجد رغيف الخبز المدعم ..هل سنجد أنبوبة الغاز ..هل سننجو من التلوث ..هل سنحمى من البلطجية ..هل سنجد وظيفة لأبنائنا ..هل ستمنع المياه الملوثة ..هل سيمتنع بعض النساء على بيع أجسادهن فى سبيل احضار لقمة عيش لأولادهن ..هل سنجد تعليما محترما ..هل سيقدم وزير سابق للمحاكمة..هل سنستنشق هواء نقيا ..هل سنعامل الله فى أنفسنا.. هل سيختفى المزكاتيه وحاملى المواخر من الحياة السياسة..هل سيحاكم سارقى قوت الشعب..هل سنأكل لحمة كل يومين .. هل سنجد بديلا للدروس الخصوصية ..هل سنجد العلاج المجانى فى المستشفيات ..هل سنحصل على الحديد والأسمنت مجانا ولا حتى بسعر حنين ..هل المظاهرات ستتوقف..هل ستنفرج أزمة المرور ..هل سنعيش فى مأمن من زوار الفجر ..هل سيرحمنا الله من الصحفيين إياهم..هل ستنتهى المواجهة بين الدولة والإخوان ..هل ستلغى لجنة الأحزاب ..هل ستتوقف المعونات الأمريكية..هل سيمنع اختراق المجتمع من خلال الجمعيات الأهلية ..هل سيمنع الفساد فى المحليات ..هل ستنخفض فاتورة المياه والكهرباء ..هل سيقضى على تجار المخدرات ..هل سينتهى دور المرشدين ..هل سيحرر الأقصى ..هل ستفتح الأنفاق للفلسطينين..هل سيتم تفعيل دور الجامعة العربية واتفاقية الدفاع المشترك..هل سنؤمن بالقومية العربية ......هل.........وهل....إلخ.
هل سيغير الرئيس الجديد كل ذلك بين عشية وضحاها ..ونعيش فى المدينة الفاضلة ..أقول مرة ثانية لن يستطيع ذلك ..فهذا درب من الخيال ..إننى لا أدعو إلى التشاؤم ..وأؤمن دائما بإلقاء الحجر فى المياه الراكدة ..ولكن الرئيس الجديد أى كان لا يمسك بعصا سحرية ..فالبلاد محملة بكل الأوزار والشعب مرغوم على القهر الإجبارى وأصبحت لديه ثقافة عدم التغيير ويؤمن بمقولة ..اللى نعرفه زى اللى ما نعرفوش..ولو رجعنا بذاكرتنا إلى الشهر الماضى عندما خرج هذا الشعب عن بكرة أبيه حاملا الأعلام يشجع بطريقة هيسترية بعد الفوز على الجزائر فى دور الأربعة وفى تلك اللحظات زاد سعر كيلو السكر إلى خمس جنيهات وكيلو اللحمة إلى خمسون جنيها ورغم ذلك خرج فرحا بفوز منتخبنا بالكأس الإفريقية فى المباراة النهائية..فهذا مزاج عقلى ونفسى لشعب مصر .
فالتغيير يا سادة الذى تريده بلدنا الحبيبة مصر أبعد ما يكون عن المادتين 76..77 ولا الرئيس القادم فالتغيير لابد وأن يكون فى العقول والأفكار والعادات والتقاليد ..فالحرية تبدأ من القاع ..وكذلك التغيير يبدأ من النجوع والحارات والعزب والقرى والمدن والمدارس والجامعات والمؤسسات ..ساعتها اختر ما شئت ومن شئت فصناديق الإقتراع لا تغير فاسدا ولا تصلح باطلا ..وأعتقد أننا محملين بهذا وذاك ..فالتغيير عزيزى المواطن يبدأ من عندك أنت ..فى بيتك ومدرستك وجامعتك وشارعك ونجعك وقريتك ومدينتك ..فلا تتعشم خيرا ..فالنفق مظلم.