أحزان للبيع ..حافظ الشاعر كتب عن : نزاهة على باب البيت
مقدمة
نزاهة ..امرأة مثل ملايين النساء فى عالمنا العربى ؛ خلقها الله على الفطرة ، منذ طفولتها ويتوسم فيها أبويها الخير، كانت فى مهدها تومىء بنظرها إلى الحال المائل ، ولكن بيئتها أجبرتها على المضى قدما لمجاراتهم فى الكذب والنفاق والتضليل..ملت من عائلتها وحاصرتها الشائعات وفى كل مرة تخرج منها ناصعة البياض..قالوا أنها امرأة لعوب ، تلوك بلبانتها ، وتتمايل بخصرها ،حتى لهث ورائها من فى قلبه مرض.
المشهد الأول
نزاهة..تلك الطفلة الصغيرة التى لم تبلغ شهرها الخامس ؛منذ أن حملت فيها والدتها "شفافية"ووالدها "نزيه"ووضعا عليها أمل كبير ؛ فى تغيير أوضاعهما ، فهما يسكنان فى منزل بالطوب اللبن ..عندما تمطر السماء ؛يسقط المطر فيأتى "نزيه" بإناء ليستقبل الماء فيه ،ويقذفه فى الشارع ، يكون هذا عمله طوال الليل ، وتكوم "شفافية" المراتب الموضوعة على الكنبتين خشية بلهما من المطر ..كل يوم يمر تكبر "نزاهة" وتكبر عائلتها، وفى سن العاشرة بدأت التغيرات الفسيولوجية تظهر على "نزاهة"وذات يوم جاءت بلوح الزجاج المكسور ووضعته أمام عينها ،ووقفت أمام المرآة ،فوضعت يدها على جسدها بالطول والعرض ،ولفت لترى مقعدتها – التى لم تظهر بعد- وتخاطب نفسها قائلة: إيه الجمال ده ..هيقفوا على الباب بالطابور يا "نزهزهه"، وبالرغم من صغر سنها إلا أنها كانت لا تقبل بالحال المائل ، وكانت تقول للأعور: أنت أعور فى وجهه..
المشهد الثانى
مرت السنون ..ووالدها ووالدتها - أمام الأمور الحياتية الصعبة – طلبا منها أن تساير العصر ، فالبيت ليس فيه ما يسد رمق أشقائها ،ويجب أن تستغل جمالها الفتان ووجهها البشوش فى ثراء العائلة السريع، وكان يتردد عليهم رجل فى ربيعه الرابع ،وكان يتودد إليها ويتمنى ولو نظرة منها ..كان مكروها فى الشارع التى تسكن فيه ؛ بل وصل الأمر إلى كره الحى كله له ، لم يمل.. ظل يطاردها على مدار ثمانية أعوام..حتى وقعت فى غرامه ، كانت تسير ذات يوم فى الشارع ..وكان خلفها يلهث ، فنظراته ثاقبة على جسدها الممشوق ، بالرغم من ملابسها العادية جدا ،ولكنها كانت فارعة الطول ، تضرب بحذائها الأرض فيهتز جسدها كاملا.. فجأة وقفت ووقعت عيناها فى عينيه فخفق قلبه وتغير وجهه متسائلا: مش هنول المراد يا قمر؟ ضحكت ضحكة انتفض من سماعها وكانت تلوك لبانتها ..وقالت فى الحلال يا عسل؟ أبويا "نزيه وأمى شفافية " فوق فى البيت ..تعالى.
المشهد الثالث
صعد الرجل إلى بيتها وهى تسير أمامه ،وفتحت الباب ،ودخل الرجل ، فطلب يدها من أبويها ..فرد الوالد مهرها غالى ، فقال الرجل : سأبيد الدنيا وما فيها للحفاظ على "نزاهة"، فهى المخرج والملجأ ..ما صدقت عثرت عليها .
وعقدوا القران وزفت "نزاهة" للرجل وسط حضور أهلها فقط ، وما إن انتقلت إلى بيت الزوجية وأغلق الباب ..خلع بزته ، وبدأ يراودها عن نفسه وتراوده عن نفسها..فجأة ضرب جرس الباب ، فخرج لتوه يفتحه ، ووجد أمامه إمرأة أخرى تشبه "نزاهة" فتغير وجهه قائلا : أنا سيبك جوه..انتى مين؟!
أنا "نزاهه " يا بيه..فخرجت زوجته فنظر للإثنتين ..وتساءل من فيكم "نزاهه"؟!
وسقط مغشيا عليه من هول الصدمة