الكاتب العراقي سعد الساعدي يكتب عن : الانتخابات العراقية ج/١ .. مُصافَقات ..
قد يوحي العنوان للبعض عن القيام بالتصفيق ، وهذا ليس بالأمر المطلوب انّما هي صفقات يتفق عليها جماعة مع جماعة أخرى ، وهنا ليس أشخاص منفردين اتّفقوا ، أو سيتفقون لاحقاً كي تمرّ الصفقة بعافية وسلامة ، بل جماعات وَثِق الناس بهم وأعطاهم التوكيل الرسمي ، وتخويل الثقة .
نسمع يومياً السجالات والخطب واللقاءات التلفزيونية بين أعضاء البرلمان وكلٌّ يدلو بدلوه مدافعاً عن فئة ممن يعتبرهم جمهوره وحاضنته المناطقية والطائفية كونه ينتمي اليهم شكلاً ، وليس مضموناً من أجل المحافظة على اصواتهم الانتخابية لصالحه في قادم الايام .
ولو أجرينا مقارنةَ الحقيقة على واقع الكلمات المتدفقة يومياً عبر الفضائيات من اصحاب القرار الاول في الدولة لتفاجأنا بكثير من الاندهاش حين نعلم انه كلام فقط من أجل الكلام يستبطن مفاهيم خاوية ، ووعود لم يتحقق منها اي مكسب ؛ فقط لمن ينادي بها على حساب الأنسانية أولاً ،
والوطنية ثانياً ..
جاري الآن العزف بنعومة على موضوع النازحين ومعاناتهم ، وهنا نتساءل من تبرع بجميع رواتبه لمدة سنة لمساعدة النازحين من اعضاء البرلمان العراقي ، او لمدة نصف سنة وعلى الأقل من تبرع براتب شهر واحد لهم ؟
لم نسمع بذلك مطلقاً حتى ولو كذباً في وسائل الاعلام ؛ امّا من يقول : أن الله يحب صدقة السرّ لانها خيرٌ من العلن فالله وحده يعلم بالنيّات ، وهذه ليست صدقة ولا منّة ؛ بل هو واجب وطني قبل كل شيء .
منذ اكثر من عامين مَنْ زار النازحين في مناطق الوسط والجنوب من النواب الذين يمثلون مناطقهم وعددهم أكثر من مائة نائب ؟ الجواب : لايوجد !
الآن ونحن على اعتاب انتخابات جديدة ، وبعد أن عاد اغلب النازحين الى ديارهم ولم يتبقَ الاّ من لا يرغب في العودة وممن لايجدون مساكن تؤويهم؛ تعالت الصيحات بلزوم عودتهم وتوفير المستلزمات اللازمة لهم كي يدلوا باصواتهم الانتخابية ، وبدأ البعض يبكي على ليلاه.
والمثال الآخر هو محاولة تثبيط الجماهير وثنيهم عن المشاركة في الأنتخابات بحجة عودة الوجوه القديمة ، ومحاولات كثيرة لأخافتهم بأنه لايوجد مفرّ من ترك المشاركة لان اي شخصية وطنية جديدة ستنهار وتهزم أمام السابقين ، أو كما يسمّونهم ( الحيتان ) ، وهذه اللفظة مخيفة لمن لم يعرف مغزاها الحقيقي كونها احدى أدوات الدعاية المضادة من أصحاب الحيتان كي يجمد الآخر وتجميد قواعده الشعبية ، أضافة الى فسح المجال لبقاء الفاسدين وتكاثرهم كخلايا سرطانية مميتة ، وحتى التصورات باعطاء الورقة الانتخابية مسقّطة بعلامة X لايعني عدم انتخاب الفاسد ؛ بل هو ضياع صوت عن آخر يتستحق لم يتم البحث عنه بصورة دقيقة ، وهنا تبقى الفرصة للفاسدين وحفظ كراسيهم .
واذا عدنا الى الصفقات فاصبح أمرها واضحاً :
انت تتنازل مجبراً ( ظاهرياً ) ، وأنا ساتنازل ( ظاهرياً) ولنختصم امام الكاميرات فقط ، ونتناول الطعام في مطعم فاخر من مطاعم بغداد الفاخرة بعد سجالاتنا المخادعة ، او في بيروت لانها أقرب عاصمة !
هذا جزء من المشهد السياسي الملتوي ، من اجل ان تبقى الجماهير ضائعة لاتعرف أين تذهب ، وماذا تفعل ، والكل يدّعي حبه لوطنه الجريح ...